لماذا لا تعد الفلسفة علمًا تقليديًا؟ وما وجه الاختلاف فيها؟ |
أوجه الاختلاف بين الفلسفة وفروع العلم الأخرى :
هناك العديد من مظاهر الاختلاف بين الفلسفة وغيرها من الفروع المعرفية الأخرى من أبرزها الآتي:النظريات والأطروحات :
تعتمد العلوم بشكل رئيسي على النظريات العلمية التي تسعى من خلالها إلى الوصول إلى الحقائق التي تُفسر الظواهر أو تدرس مواضيع محددة، ومصطلح “الملموسة” هنا لا يُقصد به ما يُرى بالعين، فعلم النفس علماً وهو يدرس طبيعة النفس البشرية وكذلك علم الرياضيات ونقطة التلاقي بين العلوم على اختلاف فروعها أنها تبحث في حقائق يُمكن إدراكها بسهولة وإيجاد إثباتات وبراهين قطعية لا تقبل الشك.الفلسفة -على نقيض المجالات المعرفية الأخرى- لا تعتمد على النظريات إنما تقوم على ما يعرف بمصطلح الأطروحات الفلسفية، والمقصود بها إعمال العقل والتأمل والتدبر في مجموعة القضايا والأمور غير الملموسة، مثل القيّم والإيمان والمفاهيم الإنسانية ومختلف القضايا الوجودية الأخرى.
اختلاف المنهجية :
من أبرز الاختلافات بين الفلسفة ومجموعة العلوم الأخرى هو المنهجية التي يتبعها كل منهما، حيث أن المنهج العلمي يعتمد بشكل رئيسي على التجارب العلمية التي يتم إجراؤها بهدف الوصول إلى نتائج محددة، ولا يُقصد هنا التجارب العلمية على المواد مثل الكيمياء، بل أن علم النفس والعلوم الطبية وغيرها من المجالات التي تدرس أموراً غير ملموسة تعتمد على البحث والتجربة العملية.العلوم الفلسفية لا تتبع منهجية التجريب إنما تعتمد بصورة كلية على إعمال العقل في التدبر والتأمل أو ما يُعرف باسم النظرة العقلية، وذلك ليس قصوراً في العلوم الفلسفية إنما يرجع إلى أن القضايا التي تناقشها الأفكار الفلسفية هي قضايا فكرية في المقام الأول ولا يمكن إخضاعها للتجربة الفعلية الملموسة.
اختلاف الأهداف :
تشترك الفلسفة مع غيرها من المجالات المعرفية في الهدف العام وهو السعي إلى إثراء الحضارة الإنسانية والارتقاء بالفرد والمجتمعات، إلا أن المجالين يختلفان من حيث الهدف الأكثر خصوصية الذي يسعى إليه كل منهما.يتمثل هدف العلماء دائماً في اكتشاف القوانين الطبيعية المختلفة ومن أجل استغلالها في مختلف الأغراض المعرفية والنفعية، واستخدامها في تطوير مظاهر الحياة الحضارية وجعلها أكثر رقياً وتطوراً، ذلك ينطبق على علوم الطب وهي من أقدم العلوم ووصولاً إلى علوم التكنولوجيا الرقمية وهي الأحدث.
إذا نظرنا إلى أطروحات الفلسفة سوف نجد أنها لا تخضع لأي قوانين ولا يلتزم بأي ثوابت، والهدف منه هو الارتقاء بالإنسان روحياً وعقلياً وذلك من خلال الوصول إلى المعرفة بواسطة الممارسات العقلية وتطبيق الشك المنهجي، ويتضح ذلك من آراء الفيلسوف ابن رشد وكذلك أطروحات أرسطو وديكارت وغيرهم من الفلاسفة.